نحن والدكتور البرادعى

8٬407

حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي                  

 

 

نحن والدكتور البرادعى

  تمتاز الأوراق الداخلية للحزب بمحاولة تقديم مواقف أكثر وضوحاً وصراحة خاصة وإنها تقتصر على اطلاع أعضاء الحزب وليست معدة للتوزيع العام .

  • وابتداءً نقرر بصدق ـ ودون مجاملة ـ أن الدكتور البرادعى شخصية محترمة وهي تستحق هذا الاحترام مصرياً وعالمياً وأن مساهمته مع القوى المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري في مصر وفي مقدمتها حزب التجمع هو إضافة هامة لا شك في ذلك.
  • وإذا كان البعض يري إلتباسافى موقف الدكتور البرادعى بشأن البرنامج النووي العراقى والترسانة النووية الاسرائيلية فإن هذا الأمر ليس مطروحا للمناقشة الأن .

     ونحن ندرك تماماً أن رئيساً لمنظمة دولية يكون دوما محاصراً بإرادة عليا تمليها أمريكا   بالذات .

     وعلى أية حال فالطموح المشروع تماماً للدكتور البرادعى للترشح لموقع الرئاسة سيحتاج منه إيضاح هذه الالتباسات .

  • منذ اليوم الأول لبروز طموح الدكتور البرادعى نحو الترشيح للرئاسة اصدر من فيينا   تصريحات تبدت بسيطة وغير متقنة مثل : اطلاق حق الترشيح للرئاسة لجميع المواطنين. وإصدار دستور جديد . وأوضحنا نحن بهدوء وتقدير أن المناخ العام لن يفرز دستوراً قادراً على الانطلاق بمصر إلى الأمام وذلك مع افتقاد انتخابات شفافة لجمعية تضع الدستور الجديد ومع وجود تيارات متطرفة تمترست في مواقع هامة . ولعل المعركة المثارة الان حول حق المرأة في تولي القضاء خير دليل على ذلك .

كذلك فإن فكرة ترشيح كل من يريد لرئاسة الجمهورية هي فكرة خيالية بل هي غير ديمقراطية لان ترشيح مليون شخص لمقعد واحد لن يسمح لا بانتخابات حقيقية ولا باختيار حقيقي .

     لكن د. البرادعى يمتاز بالقدرة على التلاؤم مع ملاحظات الغير وهي قدرة محمودة وتحسب له ولهذا فقد تراجع عن الموقفين .

  • بعد عودته المؤقتة بدأ الدكتور البرادعى في ترتيب أوراقه ليقدم نفسه كمرشح للجميع .

وهذا حقه تماماً لكن ملاحظاتنا على هذه المحاولة هي :

  • أنها تأتي في شكل محاولة تجميعية خالية من النظر الى الفوارق الجسيمة في المواقف والرؤى . كما تبدو وكأنها تبدأ من الصفر ، وكأن النضال الديمقراطي للقوى الوطنية المصرية على إمتداد نحو نصف قرن لم يراكم رؤى ويحدد منطلقات .

   ذلك إن اختيار أي رئيس للجمهورية يجب ويشكل حتمي أن يقوم على أساس برنامج اجتماعي واقتصادي وفكري وثقافي ومعرفي واضح ولا لبس فيه .

       فهل سيكون برنامجاً يستهدف المضى بمصر قدماً نحو مستقبل أفضل : حرية ـ ديمقراطية ـ احترام الأخر ـ ليبرالية ـ تقدمية ـ عدل اجتماعي حقيقي ـ وحدة وطنية تقوم على أساس المساواة ـ حق كامل للمرأة ـ احترام حرية الإبداع والاعتقاد وإعمال العقل ـ مواجهة الفساد والإفساد .

     أم برنامج يتراجع بينا الى الوراء بمقولات لا تتلاءم مع روح العصر ولا حتى مع روح الدين .

     وهنا نود أن نؤكد أن كلمة ” التغيير ” كلمة فضفاضة فقد تعني التغيير للأفضل أو للأسوأ فماذا نريد نحن بالذات ؟ . وعلى أي تغيير نتفق ؟

     لكن الدكتور البرادعى ألمح بتوجهات نعتقد أنها سلبية فقد بدأ معلناً انه يلتقى بالناس على أساس كونهم مصريين وليس كحزبيين . أي انه يريدنا وقد تخلينا عن حزبنا وبرنامجنا وتاريخنا ومستقبلنا وهذا بالنسبة لنا أمر مرفوض بل هو ينبئ بموقف لا يحترم التعددية ولا الديمقراطية .

     ثم فاجأ د. البرادعى الجميع بإعلانه الموافقة على قيام حزب سياسي على أساس ديني وهو تصريح شديد الخطر بل ويوحى أن الدكتور البرادعى إذ يهدف إلى تجميع مؤيدين له مستعد أن يأتي بالدستور على مقاس غير مقاس الحرص على حماية المستقبل المصري . فحزب على أساس ديني لن يكون حزباً واحداً وإنما عديد من أحزاب إسلامية تتسارع على أساس فهمها المختلف من الدين والصراع حول الحلال والحرام من وجهة نظرها سيتمدد كما أعتدنا إلى التكفير كما أن السماح بأحزاب دينية إسلامية سيتمدد وبالقطع نحو أحزاب دينية مسيحية ربما تكون أيضاً طائفية [ارثوذكس ـ كاثوليك ـ بروتستانت ] وتتحول الساحة الحزبية المصرية الى غابة صراعات دينية لا علاقة لها بالديمقراطية .

     وقد يفسر الأمر على أن د. البرادعى ينسخ من أوربا فكرة الحزب الديمقراطي المسيحي أو غيره من المسميات المثيلة لكن الأمر مختلف فهذه الاحزاب لا تسعى بل هي ترفض وبشكل قاطع الدعوة لقيام دولة دينية .

  • كما أن الدكتور البرادعى قد فاجأنا بتوليه رئاسة هذه الهيئة الجبهوية ولعل هذا هو سر رفضه التعامل مع أحزاب . فليس لائقاً أن يترأس هو رؤساء الأحزاب الأخرى ولا أن يترأس تجمعاً من توجهات فكرية أو إيديولوجية واجتماعية مختلفة وبرامج سياسية مختلفة . فياسم من يستحدث الرئيس ؟

وهل يملك أي حزب أن يسلم قيادة لرئاسة أخرى دون أن يضمن تعبيره تعبيراً كاملاً عن وجهات نظره ؟ ولهذا تتحاشى التكوينات الجبهوية اختيار رئيس لها . ذلك إنها تتفق فقط على ما يجمعها وتتحاشى التعبير عما تختلف عليه .

  • ولكن المثير للاهتمام أن الدكتور البرادعى قد تحاشى الإعلان عن مواقفه من قضايا محورية بالنسبة لنا بل محورية بالنسبة للوطن مثل :
    • الموقف من مكونات البعد الاجتماعي مثل :
      • سياسات الإفقار . توزيع لدخل القومي ـ الضرائب التصاعدية ـ مجانية التعليم والعلاج الصحي ـ حقوق الفئات الاجتماعية والوظيفية المختلفة .
      • حقوق الأقباط .. كيف والى أي مدى ؟
      • حقوق المرأة خاصة وانه يتجاهل وبشكل مثير للدهشة ما جرى في مجلس الدولة .
      • مشكلات الفساد والإفساد وسوء الإدارة … إلخ

       وغيرها من قضايا تشكل الاهتمام الحقيقي للجماهير والمصالح الأساسية للوطن .

     وربما كان الهدف هو تجميع كل القوى التي تنضوى تحت لواء غامض ويجرى تفسيره تفسيرات متناقضة هو ” التغيير ” دون أن يفسر تغيير نحو ماذا ؟ لكن ذلك يبدو أمراً خطيراً ولنا في تجارب عديدة مثل تجربة إيران عبرة . حيث تجمعت قوى مختلفة حول شعار تغيير نظام الشاه دون تحفيز الجماهير نحو التغيير المطلوب وكانت النتيجة سيطرة تيار واحد على النظام الجديد وذبح كل الآخرين .

 ختاماً نلخص موقفنا من د. البرادعى فيما يلي :

  • الدكتور البرادعي شخصية محترمة . وهي تستحق الاحترام وعلينا أن نتعامل معها بالاحترام الكامل .
  • أن له كل الحق في الطموح للعب دور سياسي وفي السعي نحو الترشيح لموقع الرئاسة .
  • أن السبيل لتحقيق هذا الطموح هو إدخال تعديلات جادة على الدستور . ونحن نتفق معه تماماً في ذلك . وهذا باب مفتوح للتعاون المشترك بيننا وبينه وهو ما نسعى إلية وسنواصل السعي نحوه .
  • إننا نختلف معه في عدد من المنطلقات والتوجهات وأسلوب التعامل الذي يحاول فرضه علينا وهذا حقنا . . بل وواجبنا ولعل الدكتور البرادعى لن يغضب من ذلك .
    • وسوف يواصل حزبنا سعيه نحو توسيع دائرة نضاله من أجل التعديلات الدستورية والحقوق الاجتماعية ومواجهة الفساد والتصدي للقوى المتطرفة التي تسعى وبشكل سافر للارتداد بالوطن إلى الوراء ، كل ذلك في حزمة نضالية واحدة . وفي هذا الصدد سيكون الباب مفتوحاً للتعاون مع الجبهة التي يرأسها الدكتور البرادعى في كل ما يتفق مع سعينا هذا .

    

27/2/2010

التعليقات مغلقة.