التحالف الإسلامي .. والهيمنة السعوديه – حسين عبد الرازق

146

تساؤلات حول التحالف

           وقد طرحت عديد من التساؤلات حول هذا ” التحالف الإسلامي ضد الإرهاب ” .. لا في توقيت إعلانه وملابسات ذلك والجهة التي أعلنته وحسب ، وإنما في أهدافه وآليات عمله وخططه للعمل الميداني ، والأهم من ذلك كله التعريف الذي سيتبناه بشأن ” الإرهاب ” وخصوصاً أن المملكة السعودية التي طرحت الفكرة وأعلنتها ونصبت نفسها قائدة له ، لديها ” لائحتها ” الخاصة للمنظمات التي تعتبرها إرهابية . فأي إرهاب هذا الذي تعتزم الدول المتحالفة قتاله ؟ وهل للدول الـ 34 المنضوية فيه مفهوم موحد للإرهاب ؟ ولماذا يضم التحالف الإسلامي مثلا أوغندا وبنين والنبجير وساحل العاجل وجزر المالديف ، ولا يضم دولا محورية في المواجهة مع الإرهابيين كالعراف وإيران وسوريا وروسيا والصين وغيرها ؟ ثم ما علاقة توقيت إعلان ” التحالف الإسلامي ” هذا بتطورات الوضع في اليمن حيث واجه ” التحالف العربي ” الذي تقوده السعودية أيضا ، حائطاً مسدودا بعد تسعة شهور من حرب الخراب ؟ وهل هي صدفة هذا التزامن ما بين إنطواء حرب اليمن إلى مرحلة التفاوض في سويسرا والانتكاسات العسكرية للتحالف الذي أصيب بكثير من الهشاشة والخيبات ، ومبادرة الرياض إعلان تحالفها الجديد باسم الإسلام أ ” .

 

مقاطعة وإنسحابات

           وقد اعلنت خمس دول إنسحابها من هذا التحالف ” السعودي ” ، وأبدت بعضها أسبابا للانسحاب تلخصت في عدم علم بعض الدول بتأسيس الحلف أصلاً ، وإكتفى البعض الآخر بالانسحاب عسكريا ملتزمين بترديد شعارات شفهية حول ” ضرورة مناهضة الإرهاب ” .

  • فلبنان أكدت وزارة خارجيتها في بيان رسمي لها أنها ” لم تكن على علم لامن قريب ولامن بعيد بموضوع إنشاء تحالف عسكري لمحاربه الإرهاب ، وإنه لم يرد إليها في أي سياق وأي مجال أية مراسلة أو مكالمة تشير إلى موضوع إنشاء هذا التحالف ، وأنه لم يتم التشاور معها ، لا خارجيا كما تفرضه الأصول ، ولا داخليا كما يفرضه الدستور اللبناني ” .
  • وأعربت وزارة الخارجية الباكستانية عن دهشتها من جود إسم ” باكستان ” ضمن دول التحالف العسكري الإسلامي ، وقال وزير خارجية باكستان عزيز تشادوري أنه مندهش من الأخبار الواردة حول ضم باكستان إلى قائمة الدول المشاركة في التحالف الذي أعلنته السعوديه ، دون علم إسلام أباد .
  • وأكدت تركيا على لسان وزير خارجيتها عدم نية أنقره تشكيل قوة عسكرية في إطار التحالف الإسلامي الجديد .
  • وقالت إندونيسيا أنها لن تقدم دعماً عسكرياً للتحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية وقال وزير الخارجية الإندونيسية ” ديتنو مرصودي ” أن نظيره السعودي ـ عادل الجبير ـ تحدث معه في عدة مناسبات حول تلك المبادرة ” لكن الرياض لم توضح بعد كيف ستمضي في هذا العمل “.
  • وأعلن وزير الدفاع الماليزي ” هشام الدين حسين ” أن بلاده لن تشارك في التحالف ، لكنها تتضامن معه ضد التطرف .

 والأهم من ذلك هو موقف ” الجزائر ” وغيابها عن هذا الحلف رغم أنها أكثر الدول المتضررة سابقا من ” الإرهاب ” .

 ويرى البعض أن هناك موقف ثابت للجزائر من التحالفات ذات الطبيعة العسكرية تطبيقا لروح الدستور الذي يمنع الجيش من التدخل خارج حدود البلاد ، والذي يبدو واضحا من معارضتها لفكرة إنشاء القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر على الجامعة العربية ورفضها المشاركة فيها ، وكذلك معارضتها لتدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن .

 ويضيف المراقبون سبباً آخر لرفض الجزائر للتحالف الإسلامي ، يتمثل في ” الوضع الاقتصادي الذي تشهده الجزائر في ظل التقشف الاقتصادي ، والذي لا يسمح بتحمل أعباء مالية إضافية يفرضها الإنضمام إلى مؤسسات دولية جديدة ” .

 وأشار الكاتب الجزائري ” فيصل مطاوي ” إلى سبب ثالث يتعلق بأن بعض الدول الراعية لهذا التحالف كانت تدعم الجماعات المتطرفة والمسلحة في الجزائر مثل السلفية الجهادية ، وهو ما عارضته وقاومته الحكومة الجزائرية في حينه بشكل رسمي وعلني .

 ويمكن إضافة سبب رابع هو التقارب الجزائري الإيراني ، باعتبار هذا الحلف موجه أساساً ضد إيران .

 

التعليقات مغلقة.