كلمه سيد عبد العال الامين العام امام اللجنه المركزيه

8٬306

   حزب التجمع

اللجنة المركزية أكتوبر 2009

 

الزملاء والزميلات أعضاء اللجنة المركزية

 

أهنئكم ببداية أعمال اللجنة المركزية الثانية في دورة المؤتمر العام السادس لحزبنا

وأعلم إننا نجتمع اليوم ليس فقط لمناقشة التقارير الثلاثة ونقدها وتصويبها ، بل أيضا من أجل أن نعلن مجدداً لشعب مصر أن حزبه “حزب التجمع” لازال حاملاً لأماله الكبيرة في التحرر من الاستبداد بكل أشكاله ، ومنحازين لطموحات شعبنا المتنوعة في الحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروة الوطنية . إن الصورة الذهنية عن حزبنا ورموزه النضالية لم تخدش لدى جماهيرنا الشعبية رغم كل حملات التشويه التي يتعرض لها حزبنا.

   ـ فالشعب المصري يعرف حزب التجمع متجسداً في عضويته بمحافظات مصر مناضلين شرفاء قادة ومشاركين في معاركة ضد سياسات الرأسمالية الحاكمة التي تعمل على تركيز السلطة والثروة في أيدي عائلات بذاتها تحكم وتملك دون ادني اعتبار لما يصاحب هذه السياسات من تدهور حاد و متسارع للاقتصاد الوطني . مناضلي حزبنا يعرفهم الشعب المصري قادة في معركة مصنع اجر يوم واللجنة الشعبية للحفاظ على ارض مطار إمبابة ، وهم منظمي مؤتمر قضايا المجتمع المحلي بمحافظة المنوفية بالتوازي مع مؤتمر المحافظين ، والمهرجان السينمائي الاول على ارض مصر للأفلام الروائية القصيرة بالقاهرة ، مناضلي حزبنا في قيادة الإضرابات العمالية بالعديد من المصانع وخاصة بقطاع الغزل والنسيج في المحلة والعامرية وقطاع الاسمنت كما كانوا داعمين ومساندين لعشرات الإضرابات بمصانع القطاع الخاص في محافظات مختلفة .

   ـ إنني لا أتحدث عن وهم وخيالات فبعض هؤلاء القادة يجلسون بينكم في هذه القاعة قادمون لهذا الاجتماع مزودين بخبرات نضالية في أساليب كسر الحصار على النقابات المهنية كحركة مهندسين ضد الحراسة والدفاع عن حقوق المعلمين وإداري التعليم ، هذا بالإضافة لكشف عصابات الفساد بمحافظات البحيرة والسويس والإسكندرية من خلال زملائنا بالمجالس المحلية.. تلك العصابات الماثلة الآن أمام القضاء بتهمه الاستيلاء على أراضي الدولة وممتلكاتها . كما كان لاحتضان حزبنا لمبادرة تأسيس اتحاد لأصحاب المعاشات والتي أطلقها وأسسها قادة من زملائكم، هذا الاحتضان يعكس رؤية سياسية لدور الحزب اليساري في دعم أشكال التنظيم الشعبي دون التدخل كحزب في إدارتها .

   والى جانب ذلك فلنا صوت قوي على حدود الوطن مع العدو الإسرائيلي يتمثل في زملائنا بالعريش الذين جمعوا بين شرف النضال السياسي من اجل تعبئة شعبية لأهالي سيناء ضد العدو وبين كرم الضيافة والاستقبال لكل قوافل دعم أهلنا في فلسطين .

   إن كلمتي ليست مخصصة لاستعراض نضال زملائنا ولكن كانت هذه نماذج محددة لنعرف كيف يرانا شعبنا بعيداً عن لغو المتحذلقين ومعطي الدروس بالمجان من مواقع المتفرجين .

زملائي أعضاء اللجنة المركزية : ـ

     لم نبدأ نضالنا من المؤتمر السادس ، فنحن حزب اليسار الذي تأسس عام 1976 وتعرض منذ نشأته لحصار عاتي صودرت فيه جريدته، ونظمت الحملات الإعلامية ضده،.. واعتقلت قياداته وعضويته وحوربت في أرزاقها.. وحوصرت مقاراته عقب الانتفاضة العظيمة للجماهير الشعبية في يناير ..1977 وتتصاعد المواجهة الأمنية لحزبنا وقياداته لعدة سنوات.. والتهمة التي نشرف بها هي التصدي لسياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية ورفض معاهدة الصلح مع العدو الصهيوني ، ومقاومة كل محاولات فرض التطبيع في جميع المجالات.. وقد كانت معركة حزبنا ضد التطبيع وبالمشاركة مع كل القوى الوطنية فعل شعبي جعل من أي مطبع متهماً أمام الشعب بكسر الموقف الوطني العام وليس أمام حزب أو جماعة سياسية .

   ـ وخاض حزبنا مع جماهير الشعب المصري معركة في المطالبة بحكم جديد وديمقراطي وشعبي ، ويشهد على ذلك كل المواقف التي اتخذتها القيادة التاريخية ممثلة في فارس اليسار والشعب المصري خالد محيي الدين ورئيس حزبنا رفعت السعيد وكوكبة من القادة العظام ندعو لهم بطول العمر والعطاء ونترحم على الراحلين منهم ، تلك المواقف المعبرة عن أمال شعبنا بداية من المطالبة بدستور جديد للبلاد مع التقدم بمشروع قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، وكذلك موقف واضح منحاز للحريات السياسية والنقابية وحرية التعبير والنشر وحق التنظيم، وذلك ضد وفي مواجهة كل القوانين سيئة السمعة في هذا الشأن .

   ـ وحين طرح التجمع موقفاً محدداً عن تداول السلطة عبر البرلمان.. فان كافة أوراقه ومواقفه لم يغب عنها.. انه لا تداول حقيقي للسلطة دون تغيير لأسس الحكم المطلق ، ودون تغيير لقواعد المعادلة السياسية الراهنة والتي تغيب الجماهير الشعبية صاحبه المصلحة في تعديل هذه المعادلة ، مع دعم كامل لكافة أساليب النضال الشعبي الاقتصادية والاحتجاجات الجزئية على امتداد ارض مصر . كما لم يراهن حزب التجمع بأي حال من الأحوال على ديمقراطية السادات أو ديمقراطية مبارك، أو ينخدع بالحملة الأمريكية التى تبشر بالديمقراطية إيمانا منا بأن مستقبل شعبنا يتحدد هنا في مصر بالنضال الديمقراطي للقوى الوطنية وان المشروع الأمريكي عائق للآمال الشعبية و معطل لمشروعنا الوطني .

   ـ هكذا التجمع كان وسيبقى رغم شروط العمل الصعبة والضعف التنظيمي للقوى الديمقراطية.. إلا أن المناضلين في حزبنا لم يفقدوا بأي حال من الأحوال بوصلة الاتجاه رغم كل التعرجات لضعف قوانا والحصار المضروب على حركة الاحتجاج الجماهيري وتجزئ أوضاع هذه الحركة ، وقد قابلو ذلك بقدرة على ثبات الموقف وإرادة تستلهم النفس الطويل ومواصلة تحمل التضحيات مهما كانت المصاعب.

الزملاء الأعزاء:

نحن مقبلين على مشهدين انتخابيين أحدهما تشريعى فى 2010 والآخر رئاسى سنة 2011 ،وتأتى هذه الانتخابات فى ظل ضعف ملموس لقوى المعارضة الديمقراطية …مع غياب الوزن السياسي للطبقات الشعبية التى جرى إبعادها من دائرة المشاركة السياسية لحقب طويلة مع تزوير إرادتها وقطع الطريق على تحركاتها المطلبية .

يتواكب ذلك مع غياب لدور ملموس للتحالف اليساري ناتج عن ضعف في قواه المكونة له وذلك متواكباً مع صعود لليمين وتحالفاته .

وفى ذات الوقت تحفل الساحة السياسية بتكهنات حول تفاهمات بين أطراف من قادة الأحزاب السياسية والنظام بهدف الحصول على نصيب من مقاعد مجلس الشعب وذلك تحت غطاء دعائي كثيف يحاول أن يقدم النظام كعدو لقوى الإسلام السياسي مع دعوة القوى المدنية للتحالف معه .

ـ لن ننخدع ولا ينخدع أحد في حزبنا .. لا توجد تفاهمات مع أحد ولن توجد طالما لازلتم رافعين شعار” التغيير السياسي والاقتصادي الشامل “.. لن يكون لنا سند فى معركة انتخابات مجلس الشعب سوى الجماهير الشعبية وتحالفنا الوطني الديمقراطي الذي يشمل القوى السياسية المدنية والمجتمع المدني والحركات الاحتجاجية بكافة تنوعاتها الاجتماعية،.. مستهدفين الدفاع عن برنامجنا وشعاراتنا وفتح الطريق أمام أوسع صلات بالحركة الشعبية، وتأكيد نفوذنا السياسي لدى قطاعات أكبر من سكان مصر.. وذلك في مواجهة الاصطفاف الذي سوف يتشكل بين قوى اليمين السياسي .

علينا أن نواجهه وبجسارة المناضلين وفى ذات الوقت خصوم الجماهير الشعبية وهم الحزب الحاكم وقوى الإسلام السياسي .

أن سعينا لانتزاع الحريات السياسية والديمقراطية.. لا يجب أن يوقعنا فى تحالفات معادية للديمقراطية تكرس الاستبداد.

ـ والتغيير المطلوب ليس تغييراً في الأشخاص، وإنما هو تغيير شامل فى السياسات، وموقف حزبنا الذي هو ضد التوريث بلا شك هو موقف أشمل لأنه كان وسيظل ضد الحكم المطلق الاستبدادي، كما أننا لسنا مع القائلين بالمؤسسة العسكرية فنحن ننادى بحكم مدني ديمقراطي . ونعلم أن الديمقراطية ليست مجرد تشريعات دستورية أو قانونية ، بل هي حياة.. فيها تتعلم الملايين من الجماهير صاحبة المصلحة في التغيير.. قيمة التضامن الجماعي، وقيمة الدفاع الذاتي عن المصالح المباشرة والمصالح البعيدة.

وقد جاء عام 2006 ليؤكد أن هذه الجماهير.. التي لاننوب عنها.. قد استنشقت هواء الحرية، وقد دب فى أوصالها مزاج المقاومة والاحتجاج ، وقد وضعت أقدامها على طريق طويل ينادينا جميعاً لكي نتقدم معها بكل ما نملك من حلم كبير بمصر التى نريدها.

الزملاء أعضاء اللجنة المركزية :

هذه هي اللجنة المركزية الأولى التي أتحدث فيها أمامكم كأمين عام للحزب…. وأود أن أقرر أن انتخابي لهذا الموقع لم يترك في عقلي أي أوهام عن أنكم قد أعطيتموني أصواتكم لأنني الأفضل .. فلست الأفضل من بين أعضاء اللجنة المركزية لتولى هذا الموقع.. فبينكم من هو أكثر منى قدرة وخبرة … إلا أن ذلك الانتخاب كان رسالتكم الواضحة أن حزبنا جاد فى إعمال الديمقراطية الداخلية، وفتح الطريق أمام أجيال وطاقات جديدة للقيادة الحزبية وفى أهم مواقعها.. وأنا أقرر أيضاً لكم أن كل نقد يوجه لأسلوبي فى العمل هو بمثابة خبرة إضافية أكتسبها عبر الممارسة اليومية وأقابله بكل تقدير واحترام طالما يهدف لتطوير العمل والدفع به للأمام… وأنني وبكامل الرضا مستعد للمشاركة معكم في انتخاب أمين عام آخر حينما ترون في ذلك ضرورة حزبية .

ـ وأصارحكم يا زملاء أننا جميعاً في حاجة إلى وقفة مع النفس، نزيل فيها عوامل الاحتقان التي دبت في علاقاتنا الداخلية بعد مؤتمركم السادس ، حتى يتاح لنا أن ننتقل بعد ذلك إلى طرح أسس لتوافق مبنى على إعلاء اسم الحزب والحفاظ على تراث اليسار المصري العظيم، والمتجسد تنظيمياً فى حزبنا ، وذلك فوق كل اعتبار .

ـ نحن فى حاجة ماسة إلى إعادة بناء عضوية الحزب.. وإعادة بناء علاقاتنا ببعض والتمسك بالديمقراطية الداخلية لأقصى مدى ، ورفع مبدأ النقد والنقد الذاتي دون أسقف وتحرير الحزب من الشللية والاستقطابات الذاتية، مع التصدي لسياسات التشهير ومحاصرتها وفضحها. وكل ذلك لن يتأتى إلا بتأكيد احترامنا الدائم للتعددية السياسية داخل حزبنا ،.. وإحترام مبدأ الانتخاب.. ونتائجه.. مع احترام صارم لقرارات الهيئات الحزبية، مع الإعلاء من شأن قرارات لجان المحافظات واحترامها من القيادة المركزية .. فإن قيادة حزبنا بالمحافظات تمثل المفتاح السحري الوحيد للخروج بحزبنا من حالة الاحتقان الداخلي إلى رحاب علاقات المجتمع والناس.

ـ ويساعد على ذلك ، بل أنه المدخل الصحيح هو إنهاء حالة المركزة الشديدة التي أصابت بنائنا الحزبى بالبيروقراطية والترهل.. والعمل على تنفيذ قرار المؤتمر العام السادس بنقل مركز ثقل العمل الحزبي إلى المحافظات ثم المراكز والأقسام .

ـ وتتجلى المركزية في وحدة الخط والموقف السياسي وليس في إدارة وتخطيط النشاط والمالية . إن المركزية في النشاط أدت لتزايد تسلط القيادة على مجمل الحزب ..والانابة عن مجمل الحزب في بعض الأحيان، بأساليب الاحتجاج المظهري هروباً من صعوبة دفع الحركة الاحتجاجية والالتقاء بها والاكتفاء بنضال إعلامي لا يترك سوى مزيد من الإحباط لدى عضوية وقيادات الحزب .

ولأننا حزب اليسار يجب الاعتراف بقصورنا الشديد فى مجالين مهمين

الأول : النقابات المهنية.. رغم وجود واضح ونشط فى بعضها، مثل المحامين والمهندسين والاجتماعيين، إلا أن إمكانياتنا وصلاتنا تتجاوز الجهود الحالية بمراحل .

الثاني : محدودية فى العلاقة والتعامل مع جيل من النشء والشباب المتمرد والذى كان من الممكن، لولا تعقيدات كثيرة وظروف محيطة بنا أن يكون حزب التجمع هو القطب الجاذب له ، وأخص بالذكر غيابنا عن نشاط الحركة الطلابية فى الجامعات التى انفردت بها تيارات الإسلام السياسي .

الزملاء أعضاء اللجنة المركزية :

أريد أن أختم كلمتي بالتأكيد على أن الحفاظ على حزبنا ليس اختيار بل ضرورة وطنية ، فهو حزب اليسار المصري الذي نريده حزبنا شعبياً كبيراً.. يشكل خط الدفاع عن المصالح الوطنية للشعب المصري فى مواجهة طبقة رأسمالية متوحشة مكانها غرف التحقيق القضائي وليس مقاعد الحكم .

ـ إن سبيلنا لذلك هو الحفاظ على قوانا موحدة، وعلى أسس صحيحة.. وفى ذات الوقت الحفاظ على التقدم حسيساً نحو الهدف، وبمرونة مبدئية دون ميوعة، وطرح الأساليب والوسائل الملائمة دون جمود أو إبراء ذمة يأخذ شكل المعارضة اللفظية ذات الجملة اليسارية وبريقها الشكلي دون اعتبار للممارسة اليومية وخبرتها التي تغنى وتطور أفكارنا عن واقعنا النضالي .

ـ فلدينا الآلاف من الأوراق والدراسات وكلها تعبر عن مواقف صحيحة وصائبة.. ولدينا فى ذات الوقت القليل من الأفعال التي تعبر عن التدخل في الأحداث والتأثير فيها ، ولابد من تغيير هذا الوضع دون أي تصور وهمي عن انقلاب سحري ، فليس هناك مصباح علاء الدين إنما يوجد ما هو أهم من ذلك ” صبر .. وجلد.. وإصرار.. وثبات.. ..ومرونة.. وخبرة أجيال لليسار المصري العظيم التي دافعت عن أمال وأحلام هذا الشعب ..ودفعت من التضحيات الكثير وقدمت الشهداء ولابد أن نواصل نضالها على ذات الدروب الشاقة كى نصنع درباً جديداً.

 

وعاش نضــل الشــعب المصري..وعاش نضال حزب التجمع

     ســيد عبد العـال

 

التعليقات مغلقة.