أحد السعف يوما للاستشهاد

21

فوجع الشعب المصرى بكل طوائفه صباح أحد السعف وهو اليوم الأول فى أسبوع الآلام اليوم الذى استقبل فيه السيد المسيح عليه السلام عند دخوله القدس بالزهور وسعف النخيل .. بحادثين مؤلمين لكل المصريين بل ولكل محبى الخير والمحبة ، الأول استهدف  كنيسة مار جرجس ( طنطا) والثانى كنيسة مار مرقص(الإسكندرية) .. حيث استشهد وأصيب العشرات من أبناء شعبنا أثناء أداءهم الشعائر الدينية والواجب الوطنى من قبل رجال الشرطة .

ومن الجدير بالذكر أن التقويم القبطى أو ما يسمى بتقويم الشهداء يبدأ بأشد العصور اضطهاداً للكنيسة وهو عصر الإمبراطور دقلديانوس عام 284 م ، وهؤلاء الشهداء يحظون بتكريم كبير جداً فى الكنيسة ولهم أولوية بين سائر قديسى الكنيسة ، كما أن الشهيد له كرامة تفوق كرامة البطريرك والأسقف أيضاً.

وهذه الأحداث تعيد إلينا مشهد استشهاد (21) مصرى من أبناء الديانة المسيحية قتلاً على أيدى التنظيمات الإرهابية فى ليبيا ذهبوا للعمل وتحصيل الرزق حيث قتلوا فى مشهد سيبقى عالقاً فى الوجدان المصرى .. وهو  ما دفع الكنيسة المصرية إلى اعتبارهم أيقونات للكنيسة تضاف إلى أيقونات الشهداء .

وجريمة يوم أحد السعف تضاف إلى قائمة الشهداء فى الكنيسة القبطية التى تضم أطفالاً أفراداً وعائلات وجماعات بل ومدنا بأكملها ، وعظمة شهداء الكنيسة القبطية تتجلى فى تحوله إلى شهوة شديدة عند الناس حيث أصبحوا هم من يسعون إليه .. وهو ما تجلى فى تعبيرات الإخوة المسيحيين فى أعقاب الجريمتين .. لن يخيفنا الموت وسنذهب إلى الكنائس ونؤدى الصلاة .. فى مواجهة الشائعات التى ترددت بأن الكنائس أوقفت الصلاة وطلبت من رعاياها المغادرة .

ومن الدروس المستفادة من وراء استهداف الأقباط والكنائس من قبل الجماعات الإرهابية فى أعقاب 30 يونيه ، 3 يوليو 2013 وحتى اليوم ، فى ذات الوقت الذى تستهدف فيه مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية بما يؤكد أن الكنيسة المصرية من الأعمدة الرئيسية بل والأساسية للدولة المصرية وليس كما يردد البعض أنهم مستهدفون لكونهم المنطقة الرخوة فى الدولة المصرية .

وليس من قبيل المصادفة أن يقعا الحادثين فى أقل من 48 ساعة من العدوان الأمريكى الصاروخى على سوريا وفى اليوم التالى لذكرى مذبحة أطفال بحر البقر أثناء حرب الاستنزاف بطائرات أمريكية الصنع وبتنفيذ إسرائيلى ، وفى الذكرى الرابعة عشر للعدوان الأمريكى على العراق فى 2003 واحتلاله بعد مقاومة (21) يوم .. وحصار مدمر ظالم استهدف كل عوامل الحياة على أرض العراق تجاوز الإثنى عشر عاماً وألقيت على العراق قوة تدميرية منذ 1991 تفوق القوة التدميرية لقنبلتى هيروشيما ونجازاكى ضد اليابان .. بل استخدام اليورانيوم المنضب الذى أفسد المياه والأرض والهواء بالعراق وشوه الأجنة فى بطون أمهاتهم .. ومن عناوين هذا الملف الإجرامى جريمة ملجأ العامرية فى مشارف بغداد وتفجير المجتمع العراقى عبر النعرات الطائفية والمذهبية والإثنية .. التى فخخت العراق وجعلته مرتعاً للإرهاب بمختلف أشكاله  وعناوينه .. والإرهاب دولى له رعاه إقليميين ودوليين .

ولذلك ليس من المستغرب أن يكون مرتكبى جريمة أحد السعف بمصر من ذات الجماعات الإرهابية التى تنشر الحقد والكراهية والدمار والقتل فى العراق وسوريا وليبيا وبنفس الرعاة الدوليين والإقليميين .. وذات الإعلام والرايات والشعارات .. مما يجعل مصر فى حربها ضد الإرهاب الذى تخوضه بمفردها وبدماء شعبها .. تستحق من أبناء الشعب المصرى المزيد من الاصطفاف والتماسك وعدم الالتفات إلى الدعاية السوداء التى تسعى لترويجها أبواق الإرهاب ومن يدعمه ويقدمون له كل أنواع الدعم الغير محدود .. تذكرنا أحداث أحد السعف أول أيام أسبوع الآلام .. بأنه حين تكرم الكنيسة القبطية الشهداء ، فإنها لا تكرمهم فى ذواتهم ولكن بسبب الفضيلة التى فيهم ، وحين تحتفل الكنيسة بأعياد الشهداء إنما تقدم لأولادها نماذج للبطولة وللصبر والثبات على الإيمان وعدم اهتزاز الثقة .

الكنيسة المصرية لا تحتفل بأعياد ميلاد الشهداء ، إنما تحتفل بعيد استشهادهم وهو عيد ميلادهم السماوى .. وفى هذا نتذكر بكل التقدير والتقديس الشهداء من أمثال مار جرجس الذى تتجمل كنيسة طنطا التى تعرضت للاعتداء باسمه والشهيد مرقوريوس والشهيد الأمير تادرس والشهيد مارمينا العجايبى والقديسة دميانة والقديسة بربارة والقديسة يوليانة .. فهنيئا لشهداء أحد السعف بين القديسين والشهداء .

ولننشد سوياً ” أم الشهداء جميلة .. أم الشرفاء نبيلة .. عبرت بحر الآلامات .. حفظت بدماها الحق قويم، بينما أرواح الشهداء تحلق فى سماء المنتصرين بعد أن خلعت ثياب الضعف لتحيا إلى الأبد فى حرية مجد أولاد الله .. تحية للكنيسة المصرية ، وتحية لمصر الفتية والمجد والخلود لشهداء مصر ..

 

ولا وألف لا لأعداء الحياة

حزب التجمع

الإعلام المركزى

تحريراً في 11 ابريل 2017

 

التعليقات مغلقة.