الدكتور رفعت السعيد المفكر والسياسي والقائد الحزبي رؤية عن قرب
- وفي الدائرة العامة الأكثر التصاقاً بالدكتور رفعت السعيد يأتي حزب التجمع الذي تأسس منبراً لليسار في عام 1976 كأول تنظيم علني لليسار في مصر ، وكان التجمع نشأة ووجوداً إشكالية لكل من اليمين واليسار خارج التجمع ، اليمين الرأسمالي واليمين الديني واليسار الماركسي وغير الماركسي ، وإشكالية للفصائل المكونة للتجمع نفسه ، فهو بالنسبة لليمين الحكومي حزباً يسارياً شيوعياً متطرفاً ، ولليمين الديني – الإخواني – حزباً يسارياً علمانياً معادياً للإخوان، وبالنسبة لليسار خارج التجمع حزباً إصلاحياً غير راديكالي غير جذري وغير ثوري ، وأحاطت هذه الإشكالية بالدكتور رفعت السعيد أكثر من غيره من قيادات التجمع المؤسسين والتاريخيين الذين كان من بينهم قامات يسارية كبرى في دائرة القيادة المركزية للتجمع ([4]).
ولعل الاقتراب من هذه الدوائر الثلاث التي أحاطت بالدكتور رفعت السعيد ، والتي تحتاج التوقف أمامها لدراساتها والتعرف على أبعادها الفكرية والسياسية والثقافية ، يمكننا من الاقتراب بطريقة أكثر موضوعية – بقدر الإمكان – من السمات الشخصية القيادية للراحل الدكتور رفعت السعيد ، وهو ما سوف نحاول القيام به في الفقرات التالية .
2- سماته القيادية :
للدكتور رفعت السعيد كقائد حزبي عدة سمات فكرية وسياسية وشخصية وطريقة للتعامل مع الأحداث والمناخات والدوائر المحيطة – ومن بينها الدوائر الثلاثة السابق التعرض لها – تكون معاً طريقته الخاصة وأسلوبه الخاص ومنهجه في العمل السياسي وفي القيادة الحزبية ، وتنطلق منها إشكالياته السياسية والقيادية ، وتكون دوائر محبيه وأصدقائه وناقديه والمعادين له ، وسوف نحاول التعرف على أهم هذه السمات والتعرف على مفاتيح شخصيته السياسية والقيادية .
- قائد حزبي منشغل سياسياً بالسياسة اليومية:
لكل قائد حزبي طريقته في التعامل مع قضايا السياسة والعمل السياسي العام ، ويتسم الدكتور رفعت السعيد السياسي بمتابعة التفاصيل السياسية اليومية والاهتمام بها ، فالتفاصيل السياسية اليومية ليست قوته اليومي فقط كقارئ ومتابع جيد للصحف اليومية وهي المهمة التي يبدأ بها يومه في الصباح الباكر ؛ بل كذلك هي اللبنات التي ينطلق منها في تكوين وجهات نظره العامة وتحديد موقفه السياسي ، وتظل محدداته الفكرية والأيديولوجية قابعة هناك في الخلفية ، تصنع انحيازاته وانتماءاته وتحدد توجهاته ، لكنها لا تظهر في مقدمة المشهد ، بل تظهر الأحداث اليومية والأخبار وزيارات المسئولين من الخارج لمصر أو من مصر للخارج ووجهات النظر المطروحة في مقال أو عمود صحفي كمحرك سياسي مباشر وظاهر للتحليل السياسي ، وهذه الطريقة لا يحبها كثيرون من اليساريين ، خاصة من يفضلون إظهار الموقف الأيديولوجي والطبقي في مقدمة كل تحليل، وكثيرون من اليساريين الذين يفضلون إظهار المواقف الكلية من النظام ، وبصفة خاصة من رأس النظام ، ولا يفضلون الاهتمام بالمواقف السياسية الجزئية من هذا الحدث أو ذاك أو من هذه الحكومة أو تلك ، أو من هذا الوزير أو ذاك ، أو من هذا المحافظ أو ذاك ، أو من هذا الموظف العام أو ذاك ، الأهم من ذلك أن طريقة السعيد في التعامل مع السياسة اليومية – ومع مفردات الحكم والحكومات حتى لو جاءت في إطار نقدي شديد اللهجة – تظهره – في نظر القوى اليسارية الأخرى واليساريين الآخرين – كسياسي يهتم بالمنهج العملي ، وبالأحداث اليومية ، وتظهره كسياسي معتدل ، وتظهر مواقفه باعتبارها إصلاحية، غير ثورية ، منخفضة السقف([5]).
التعليقات مغلقة.