برنامجنا السياسي للمرحلة الانتقالية بناء مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة

603

3- طبيعة السلطة في المرحلة الانتقالية:

لم يكن ممكناً لثورة 25 يناير 2011 الشعبية، كثورة غضب شعبي عفوي يفتقد لوجود قيادة سياسية واعية ومنظمة، أن تنجز ما هو أكثر من دفع رأس السلطة للتنحي، وقطع الطريق على مخطط التمديد والتوريث، كما لم يكن ممكناً لثورة 30 يونيو 2013 الشعبية وبيان 3 يوليو المعبر عن التحالف بين الشعب والجيش، أكثر من عزل ممثل مكتب الإرشاد الإخواني من قصر الاتحادية، وقطع الطريق على مخطط بناء الدولة الدينية الطائفية الإخوانية، واستعادة الدولة المصرية، الأمر الذي كان من نتيجته قطع الطريق على مخططات التحالف الأمريكي الإخواني التركي القطري لهدم الدولة الوطنية المصرية، وتنفيذ مخططات الشرق الأوسط الكبير، وهي أمور لو تعلمون عظيمة.

نقول لم يكن ممكناً أكثر من ذلك، بالنظر إلى ثورة التوقعات والشعارات التي تصاحب الثورات الشعبية، فللثورات الشعبية، مثل الهبات والانفجارات والانتفاضات الشعبية العفوية، حدود من الصعب تجاوزها إلا بالثورات السياسية والاجتماعية الكبرى، وهي ثورات لا يمكن مقارنة ثوراتنا وانتفاضاتنا الشعبية بها، ولذلك ففي الحلقتين الثوريتين في 2011 و 2013 لم يحدث تغيير جوهري في الطابع الرأسمالي للسلطة، ولا في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الرأسمالية للسلطة.

فقد ظلت السلطة السياسية في مصر رأسمالية الطابع والتوجه والسياسات، على الرغم من تقليص الدور السياسي والاقتصادي لبعض الفئات والتحالفات المهيمنة على السلطة، كتحالف رأسمالية المحاسيب الطفيلية وشبكات الفساد في عصر مبارك، وإزاحة الرأسمالية التجارية الإخوانية التي تكونت إمبراطوريتها في ظل سلطة الانفتاح والخصخصة في عهدي السادات ومبارك، والتي تهيأت للصعود والهيمنة بوصول الإخوان للسلطة.

ولا يكفي الحديث عن الطابع الرأسمالي للسلطة، والطبيعة الرأسمالية للقوى المهيمنة عليها، والتوجهات والسياسات الرأسمالية المطبقة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بل لابد من تأمل ودراسة هذه الطبيعة في ظل التحالف بين الشعب والجيش في 30 يونيو، وفي ظل تناقضات المرحلة الانتقالية وتحدياتها، وصراعات القوى الاقتصادية والاجتماعية فيها، وفي ظل مشاركة المؤسسة العسكرية بدور مشهود في مجالات الاستثمار في مشروعات البنية الأساسية وغيرها من المشروعات، وفي ظل ضعف ما تبقى من شركات القطاع العام بعد تخسيرها وبيعها في مخطط النهب والفساد الكبير المعروف بالخصخصة والبيع لمستثمر رئيسي، بما أدى إلى إضعاف رأسمالية الدولة وقيادتها من فئات الرأسمالية البيروقراطية، وفي ظل ضعف وطفيلية الكثير من فئات الرأسمالية التقليدية، رأسمالية القطاع الخاص، وميلها للابتعاد عن الاستثمار الصناعي والزراعي، والتوسع في مجالات التجارة والمقاولات والاستيراد، وتكوينها لشبكات وفئات الرأسمالية التجارية والمالية.

والسؤال الذي يطرح نفسه للبحث والدراسة في هذا المجال هو: ما هي أهم الفئات والشرائح الاجتماعية الرأسمالية القديمة والجديدة الفاعلة في كل من المجتمع والسلطة؟ وما هي أهم القوى القائدة في السلطة الرأسمالية الراهنة بعد ثورتي يناير2011 ويونيو 2013 .

 

التعليقات مغلقة.